مثاليات و فضائل زائفة
كتب
محمود فوزي
قصة من التراث
يُحكى أن زوجاً دخل على زوجته فوجدها تبكي فسألها عن السبب فقالت إن العصافير التي فوق شجرة بيتنا تنظر لي حينما أكون بدون حجاب وهذا قد يكون فيه معصية لله، فقبّلها الزوج بين عينيها على عفتها وخوفها من الله وأحضر فأساً وقطع الشجرة، وبعد أسبوع من هذه الحادثة عاد من العمل مبكراً فوجد زوجته نائمة في أحضان عشيقها !!
لم يفعل شيئاً سوى أنه أخذ ما يحتاجه وهرب من المدينة من غير رجعة، فوصل إلى مدينة بعيدة فوجد الناس يجتمعون قرب قصر الملك فلمّا سألهم عن السبب قالوا خزينة الملك قد سُرقت، في هذه الأثناء مرّ رجلٌ يسير على أطراف أصابعه فسأل من هذا ؟ قالوا هو شيخ المدينة ويمشي على أطراف أصابعه خوفاً من أن يدعس نملة فيعصي الله !!
فقال الرجل لقد وجدت السارق .. أرسلوني للملك، فقال للملك: إن الشيخ هو من سرق خزينتك وإن كُنت مُدعياً فاقطع رأسي !!
فأحضر الجنود الشيخ وبعد التحقيق اعترف بالسرقة !!
فقال الملك للرجل: كيف عرفت أنه السارق ؟
فقال الرجل: حينما يكون الاحتياط مبالغاً فيه والكلام عن الفضيلة مبالغاً به فاعلم أنه تغطية لجرمٍ ما فالشئ إذا ذاد عن حده انقلب ضده ومن يتعفف تعفف العاهرات يرتكب الموبقات ومن يقسم ليل نهار بااغلظ الايمان اعلم أنه كاذب
فإن الإنسان الصادق ليس في حاجه الي مزيد من القسم
ولو تمعنّا جيداً في هذة القصة لوجدنا أنها تحاكي واقعاً مريرا و ملموساً نعيشه في وقتنا الحالي تكشف زيف بعض المظاهر الخادعة الفضيلة فأصبحنا وأمسينا نعيش على المتناقضات التي تعكس مثاليات و فضائل زائفة يرتديها رجال ونساء يُخفون صورهم الحقيقية خلفها لتناقض ما يدعونه من قيم ومبادئ ليست فيهم وبعيدة عنهم بُعد السماء عن الأرض !!
فبينما هم حرصون على زيارة الناس في أفراحهم وأحزانهم و مشاركتهم نجدهم في الحقيقة ليسوا إلّا عاقّين في والديهم قاطعي رحم ذميمي خُلق ليس لهم نصيب من الأجر في شيء وحقيقتهم تقول بأنهم يُراؤون الناس ونفاقهم للمجتمع سوّل لهم بأن يُظهروا لهم بأنهم مثاليون أصحاب قيم ومبادئ !!
وذاك أو تلك يُظهرون حبهم للناس ويدّعون أمنياتهم لهم بالخير وهم في دواخل نفوسهم يتجرعون كأس الحسرة والحسد والغل عليهم مما وهبهم الله من ولد أو مال أو محبة من الناس وودوا لو أن الله يُزيل عنهم هذه النعم !!
وللأسف هذه الفئة التي تدّعي هذه المثاليات الزائفة في تزايد ملحوظ في ظل ما نعيشه من تهافت وتنافس في جمع المال وتبوؤ المناصب والتقرب من أصحاب الحظوة وعلية القوم حتى تبلغ أعلى مراتب التفاخر بها أمام الناس !!
نفاقٌ اجتماعي بلغ أعلى ذروته في زماننا هذا في وقت غابت عنه المثالية الصادقة والقيم والمبادئ النبيلة ليرتدي ممتطي صهواتها ثياب الرياء وزيف المشاعر والتفاخر والحسد والكِبر، حتى أصبحنا لا نفرق بين أصحاب المثاليات الصادقة ونقيضهم من أصحاب المثاليات الزائفة إلا بالمواقف ونوائب الدهر !!
فاصلة أخيرة
يوجد في حياتنا أشخاص صرعونا وأزكموا أنوفنا بالمثاليات وآن لنا أن نُزيحهم من حياتنا لأنهم ليسوا إلا صفراً على الشمال ومصدر خطرٍ بيننا وبين من نُحب من إخوة النقاء والصفاء !!
إرسال تعليقك عن طريق :