وقد تحدث يوسف شاهين عن المليجي، فقال: (كان محمود المليجي أبرع من يـؤدي دوره بتلقائية لـم أجـدها لدى أي ممثل آخر، كمـا أنني شـخصـياً أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا).
وقد ترك المليجي بصماته في المسرح أيضاً منذ أن اشتغل مع “فاطمة رشدي”، حيث التحق فيما بعد بفرقة “إسماعيل ياسين”، وبعدها عمل مع فرقة “تحيَّـة كـاريـوكـا”، ثـم فـرقـة المـسرح الجـديـد.. وبـذلـك قـدم أكـثر من عـشرين مـسرحية، أهـمـها أدواره في مسرحيات: “يوليوس قيصر”، “حـدث ذات يوم”، “الـولادة”، ودور “أبو الـذهب” في مـسرحية أحمد شوقي “علي بك الكبير”.
ولا ننسى أن نشير إلى أن محمود المليجي قد دخل مجال الإنتاج الـسـينمائي مساهـمة منه في رفـع مـستوى الانتـاج الفني، ومحـاربة مـوجة الافـلام الـساذجة، فـقدم مجموعة من الأفلام، منها على سبيل المثال: “الملاك الأبيض”، “الأم القاتلة”، “سوق الـسلاح”، “المقامر” وبذلك قدم الكثير من الوجوه الجديدة للسينما، فهو أول من قدم “فريد شـوقي”، “تحية كاريوكا”، “محسن سرحان”، “حسن يوسف”، وغيرهم. لقد مثل محمود المليجي مختلف الأدوار، وتقمص أكثر من شخصية: الـلص، المجرم، القوي، العاشق، رجل المباحـث، البوليس، الباشـا، الكهـل، الفـلاح، الطبيب، المحامي.. كما أدى أيضاً أدواراً كوميدية.
مثل “المليجي” 318 فيلم ،رحل عنا وهو في سن الثالثة والسبعين، وكان ذلك في( 6 من يونيو عام 1983 )على أثر أزمة قلبية حادة. بعد رحـلة عطاء مـع الفن اسـتمرَّت أكـثر من نصف قـرن، قدَّم خلالها أكثر من سبعمائة وخمسين عملاً فنياً، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة. وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيـلم التليفزيوني “أيـــوب”.. فجـأة، وأثناء تناوله القهوة مع صديقه “عمر الشريف”، سقط المليجي وسط دهشة الجميع.
أطلق عليه الفنانون العرب لقب “أنتوني كوين الشرق”، وذلك بعد أن شاهدوه يؤدي نفس الدور الذي أداه أنتوني كوين في النسخة الأجنبية من فيلم “القادسية” بنفس الإتقان بل وأفضل.. وأيضا أداؤه في فيلم “الأرض” فقد أدّى فيه أعظم أدواره على الإطلاق. فلا يمكن لأحد منا أن ينسى ذلك المشهد الختامي العظيم، ونحن نشاهد “المليجي” أو “محمد أبوسويلم” وهو مكبـَّل بالحـبال والخـيل تجـرُّه على الأرض محـاولاً هـو التـشـبث بجذورها. ولم تكن روعة “المليجي” في فيلم (الأرض) تكمن في الأداء فقـط، بل في أنه كـان يؤدي دوراً معبراً عن حقيقته، خصـوصاً عندما رفض تنفـيذ هذا المـشـهد باسـتخدام بديل”دوبلير”، وأصَّـر على تنفـيذه بنفسه.. لم يكن ـ قط ـ مجرد ممثل، بل كـان فناناً.. عـاش ليقدم لنا دروساً في الحياة من خلال فنه العظيم. كانت معظم أدواره، حتى أدوار الشر، تهدف إلى مزيد من الحب والخير والاخـلاص للناس والـوطن، كـان مدرسـة فنـية في حـد ذاته، وكان أستاذاً في فن التمثيل العـفوي الطبـيعي، البعـيد ـ كل البـعد ـ عن أي انفعال أو تشـنج أو عصبـية.. كـان يقـنع المتــفرج انـه لا يمـثل، ومـن ثـم إكتـسـب حـب الجماهير وثقتهم.
عرف أيضاً باسم( شرير الشاشة) المصرية؛ لكثرة تقديمه لأدوار الشر في أعماله، ومع ذلك كان بارعًا في تقديم أدوار الخير والطبيب النفسي، كما أدى أيضاً أدواراً فكاهية (كوميدية). كان المليجي عضواً بارزاً في الرابطة القومية للتمثيل، ثم عضواً في الفرقة القومية للتمثيل. وحصل على جوائز كثيرة منها «وسام العلوم والفنون» عام( 1946)، و«وسام الأرز» من لبنان عن مجمل أعماله الفنية في العام نفسه. وقد كرمته الدولة المصرية تقديراً لجهوده ولدوره البارز في مجال الفن، فحصل على جوائز عديده، منها «الميدالية الذهبية للرواد الأوائل»، وجائزة «الدولة التشجيعية في التمثيل» عام (1972)، و«شهادة تقدير» في عيد الفن عام (1977). عُيِّن “المليجي” عضواً في مجلس الشورى؛ وذلك في عام (1980).
كـان عضواً بـارزاً في الـرابطة القـومية للتمثـيل، ثـم عضواً بالفرقة القومية للتمثيل. لقد كان “المليجي” فناناً صادقاً مع نفسه.. تزوج من رفيقة عمره الفنانة “عُلوية جميل” سنة (1939) وبقى مخلصاً لها على مدى أربعة وأربعـين عامـاً حتى وفــاته.. كـان إنساناً مع زملائه الفنانين، وأباً روحياً لهم، ورمزاً للعـطاء والبـذل والصمود أمام كـل تيـارات الفن الرخيص فهو يعد رمزاً لفنان أحترم نفسه فأحترمه جمهوره.
إرسال تعليقك عن طريق :